الجمعة، 13 مارس 2015

مستقر الشمس وبطلان أثر ذهاب الشمس للسجود تحت العرش

مستقر الشمس وبطلان أثر ذهاب الشمس للسجود تحت العرش


كتب محمد الأنور : 

الفصل الأول : مستقر الشمس

قال تعالى : " وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ " [يس : 38]

قال تعالى : " إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ " [القيامة : 12]

قال تعالى : " فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ " [المرسلات : 8]

قال تعالى : " وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ " [التكوير : 2]

عَنْ أَبِي هُرَيْرَة، قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِلَحْمٍ فَدُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ، وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ، فَنَهَسَ مِنْهَا نَهْسَةً، ثُمَّ قَالَ: " أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهَلْ تَدْرُونَ لِمَ ذَلِكَ؟، يَجْمَعُ اللَّهُ عز وجل الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، يُسْمِعُهُمْ الدَّاعِي، وَيَنْفُذُهُمْ الْبَصَرُ، وَتَدْنُو الشَّمْسُ، فَيَبْلُغُ النَّاسَ مِنَ الْغَمِّ وَالْكَرْبِ مَا لَا يُطِيقُونَ، وَلَا يَحْتَمِلُونَ، فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: أَلَا تَرَوْنَ إِلَى مَا أَنْتُمْ فِيهِ؟ أَلَا تَرَوْنَ إِلَى مَا قَدْ بَلَغَكُمْ؟ أَلَا تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ عز وجل فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: أَبُوكُمْ آدَمُ . فَيَأْتُونَ آدَمَ، فَيَقُولُونَ: يَا آدَمُ، أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلَا تَرَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَام: إِنَّ رَبِّي عز وجل قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا، لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ نَهَانِي عَنِ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُهُ نَفْسِي، نَفْسِي، نَفْسِي، نَفْسِي، نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ . فَيَأْتُونَ نُوحًا، فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ، أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ، وَسَمَّاكَ اللَّهُ عَبْدًا شَكُورًا، فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلَا تَرَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ نُوحٌ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا، لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ كَانَتْ لِي دَعْوَةٌ عَلَى قَوْمِي، نَفْسِي، نَفْسِي، نَفْسِي، نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ . فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ، فَيَقُولُونَ: يَا إِبْرَاهِيمُ أَنْتَ نَبِيُّ اللَّهِ، وَخَلِيلُهُ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلَا تَرَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ لَهُمْ إِبْرَاهِيمُ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا، لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، فَذَكَرَ كَذِبَاتِهِ، نَفْسِي، نَفْسِي، نَفْسِي، نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام. فَيَأْتُونَ مُوسَى، فَيَقُولُونَ: يَا مُوسَى أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالَاتِهِ، وَبِتَكْلِيمِهِ عَلَى النَّاسِ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلَا تَرَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ لَهُمْ مُوسَى: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا، لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنِّي قَتَلْتُ نَفْسًا لَمْ أُومَرْ بِقَتْلِهَا، نَفْسِي، نَفْسِي، نَفْسِي، نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى عِيسَى . فَيَأْتُونَ عِيسَى، فَيَقُولُونَ: يَا عِيسَى أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، قَالَ: هَكَذَا هُوَ وَكَلَّمْتَ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ، فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلَا تَرَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ لَهُمْ عِيسَى: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا، لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ ذَنْبًا اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ، أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، وَخَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ، غَفَرَ اللَّهُ لَكَ ذَنْبَكَ، مَا تَقَدَّمَ مِنْهُ وَمَا تَأَخَّرَ، فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلَا تَرَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَأَقُومُ، فَآتِي تَحْتَ الْعَرْشِ، فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي عز وجل ثُمَّ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيَّ، وَيُلْهِمُنِي مِنْ مَحَامِدِهِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئًا لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلِي، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَسَلْ تُعْطَهْ، اشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي، يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي، يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي، يَا رَبِّ. فَيَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِ مِنَ الْبَابِ الْأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ، فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْأَبْوَابِ "، ثُمَّ قَالَ: " وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَمَا بَيْنَ مِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ، كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَهَجَرَ، أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى " . ( صحيح البخاري , صحيح مسلم , مسند عبد الله بن المبارك , مسند أحمد بن حنبل واللفظ له , جامع الترمذي , السنن الكبرى للنسائي , مصنف ابن أبي شيبة ) .

مما سبق يظهر أن المستقر هو الآخرة .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مستقر الشمس وبطلان أثر ذهاب الشمس للسجود تحت العرش 

الفصل الثاني : بطلان أثر ذهاب الشمس للسجود تحت العرش

لقد جمعت روايات هذا الأثر , ولم يصح له سند , فهو من رواية إبراهيم بن يزيد التيمي عن أبيه , وقيل عن إبراهيم بن يزيد أنه مرسل وقال عنه ابن حجر مدلس , وسواء كان مرسلاً أو مدلساً أو مرسلاً ومدلساً فلا أقبل منه إلا ما صرح فيه بالسماع , وهو لم يصرح بالسماع من أبيه , بل إن في رواية مسلم ما يدل على أنه لم يسمعه من أبيه حيث قيل : (عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ التَّيْمِيِّ، سَمِعَهُ فِيمَا أَعْلَمُ، عَنْ أَبِيهِ ) .

كما توجد روايات أخرى جاءت من غير طريق إبراهيم بن يزيد وكلها باطلة أيضاَ .

وسأبدأ بالروايات الواردة عن إبراهيم بن يزيد , وسأكتفي بذكر ما ورد في صحيح البخاري وصحيح مسلم لعدم الإطالة :

أولاً : الروايات الواردة عن إبراهيم بن يزيد في الصحيحين :

الرواية الأولى : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي ذَرٍّ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ تَدْرِي : " أَيْنَ تَذْهَبُ، قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَسْتَأْذِنَ فَيُؤْذَنُ لَهَا وَيُوشِكُ أَنْ تَسْجُدَ فَلَا يُقْبَلَ مِنْهَا وَتَسْتَأْذِنَ فَلَا يُؤْذَنَ لَهَا، يُقَالُ لَهَا: ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى " وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ " (صحيح البخاري ) .

الرواية الثانية : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَقَالَ: " يَا أَبَا ذَرٍّ، أَتَدْرِي أَيْنَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: " فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: " وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ " . ( صحيح البخاري ) .

الرواية الثالثة : حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: " وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا " ، قَالَ: " مُسْتَقَرُّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ " . ( صحيح البخاري ) .

الرواية الرابعة : حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: " سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَوْلِهِ: " وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا "، قَالَ: مُسْتَقَرُّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ " . ( صحيح البخاري ) .

الرواية الخامسة : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: دخلت المسجد وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " جالس، فلما غربت الشمس دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، قَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ هَلْ تَدْرِي أَيْنَ تَذْهَبُ هَذِهِ؟، قَالَ: قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّهَا تَذْهَبُ تَسْتَأْذِنُ فِي السُّجُودِ فَيُؤْذَنُ لَهَا وَكَأَنَّهَا قَدْ قِيلَ لَهَا ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ، فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا، ثُمَّ قَرَأَ: ذَلِكَ مُسْتَقَرٌّ لَهَا فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ " . ( صحيح البخاري ) .

الرواية السادسة : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَإِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ جميعا، عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ، قَالَ ابْنُ أَيُّوب: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ التَّيْمِيِّ، سَمِعَهُ فِيمَا أَعْلَمُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمًا: " أَتَدْرُونَ أَيْنَ تَذْهَبُ هَذِهِ الشَّمْسُ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: إِنَّ هَذِهِ تَجْرِي حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى مُسْتَقَرِّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَخِرُّ سَاجِدَةً، فَلَا تَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُقَالَ لَهَا: ارْتَفِعِي، ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ، فَتَرْجِعُ فَتُصْبِحُ طَالِعَةً مِنْ مَطْلِعِهَا، ثُمَّ تَجْرِي حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى مُسْتَقَرِّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ فَتَخِرُّ سَاجِدَةً، وَلَا تَزَالُ كَذَلِكَ، حَتَّى يُقَالَ لَهَا: ارْتَفِعِي، ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ، فَتَرْجِعُ فَتُصْبِحُ طَالِعَةً مِنْ مَطْلِعِهَا، ثُمَّ تَجْرِي لَا يَسْتَنْكِرُ النَّاسَ مِنْهَا شَيْئًا، حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى مُسْتَقَرِّهَا ذَاكَ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَيُقَالُ لَهَا: ارْتَفِعِي، أَصْبِحِي طَالِعَةً مِنْ مَغْرِبِكِ، فَتُصْبِحُ طَالِعَةً مِنْ مَغْرِبِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : أَتَدْرُونَ مَتَى ذَاكُمْ ذَاكَ؟ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا، لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ، أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ".وحَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ الْوَاسِطِيُّ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَوْمًا أَتَدْرُونَ أَيْنَ تَذْهَبُ هَذِهِ الشَّمْسُ؟ بِمِثْلِ مَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ عُلَيَّة َ . ( صحيح مسلم ) .

الرواية السابعة : وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ وَاللَّفْظُ لَأَبِي كُرَيْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جالس، فلما غابت الشمس: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، قَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ، هَلْ تَدْرِي أَيْنَ تَذْهَبُ هَذِهِ؟ قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: " فَإِنَّهَا تَذْهَبُ فَتَسْتَأْذِنُ فِي السُّجُودِ، فَيُؤْذَنُ لَهَا، وَكَأَنَّهَا قَدْ قِيلَ لَهَا: ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ، فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا "، قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: 0 وَذَلِكَ مُسْتَقَرٌّ لَهَا 0 . ( صحيح مسلم ) .

الرواية الثامنة : حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، وَإِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ إِسْحَاق: أَخْبَرَنَا، وَقَال الأَشَجُّ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: " سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: " وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا " قَالَ: مُسْتَقَرُّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ " . ( صحيح مسلم ) .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثانياً : الروايات التي ليست من طريق إبراهيم بن يزيد : 

الرواية الأولى : عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ جَابِرٍ الْحَيَوَانِيِّ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ قَهْرَمَانٌ مِنَ الشَّامِ، وَقَدْ بَقِيَتْ لَيْلَةٌ مِنْ رَمَضَانَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: هَلْ تَرَكْتَ عِنْدَ أَهْلِي مَا يَكْفِيهِمْ؟ قَالَ: قَدْ تَرَكْتُ عِنْدَهُمْ نَفَقَةً، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ، عَزَمْتُ عَلَيْكَ لَمَا رَجَعْتَ وَتَرَكْتَ لَهُمْ مَا يَكْفِيهِمْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " كَفَى إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ الرَّجُلُ مَنْ يَقُوتُ "، قَالَ: ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا، قَالَ: " إِنَّ الشَّمْسَ إِذَا غَرَبَتْ سَلَّمَتْ، وَسَجَدَتْ، وَاسْتَأْذَنَتْ، قَالَ: فَيُؤْذَنُ لَهَا، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمًا غَرَبَتْ، فَسَلَّمَتْ وَسَجَدَتْ وَاسْتَأْذَنَتْ، فَلا يُؤْذَنُ لَهَا، فَتَقُولُ: أَيْ رَبِّ، إِنَّ الْمَسِيرَ بَعِيدٌ، وَإِنِّي لا يُؤْذَنُ لِي، لا أَبْلُغُ، قَالَ: فَتُحْبَسُ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُقَالُ لَهَا: اطْلُعِي مِنْ حَيْثُ غَرَبْتِ، قَالَ: فَمِنْ يَوْمَئِذٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ " لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ " ( الجامع لمعمر بن راشد ) .

وعلة هذا السند هي أبو إسحاق السبيعي وهو مدلس وقد اختلط , ولم يصرح بالسماع .

آراء العلماء في أبي إسحاق السبيعي :
أبو جعفر النحاس : ذكره في الناسخ والمنسوخ ، وقال : مدلس لا يقوم بحديثه حجة حتى يقول حدثنا وما أشبهه .
أبو حاتم الرازي : ثقة ، ومرة : هو شبيه بالزهري في كثرة الرواية والاتساع في الرجال وهو أحفظ من أبي إسحاق الشيباني ، ومرة بأخرة اختلط ، ومرة : كبر وساء حفظه .
أبو حاتم بن حبان البستي : ذكره في الثقات وقال : كان مدلسا .
أبو عمرو بن الصلاح : اختلط .
أحمد بن حنبل : ثقة صالح ، ولكن هؤلاء الذين حملوا عنه بأخرة .
ابن الكيال الشافعي : ذكره في الكواكب النيرات في معرفة من اختلط من الرواة الثقات .
قال ابن حجر في التقريب : ثقة مكثر عابد اختلط بأخرة ، وقال في هدي الساري : أحد الأعلام الأثبات قبل اختلاطه ولم أر في البخاري من الرواية عنه إلا عن القدماء من أصحابه كالثوري وشعبة لا عن المتأخرين كابن عيينة وغيره واحتج به الجماعة
الذهبي : أحد الأعلام ، ومرة : من أئمة التابعين وأثبتهم إلا أنه شاخ ونسي ولم يختلط .
سفيان بن عيينة : حديث أبي إسحاق ما لم يعلم أنه مدلس يقوم مقام الحجة ، وهو مائل إلى التشيع .
محمد بن جرير الطبري : ذكره في المدلسين .
يحيى بن معين : ثقة ، وفي رواية ابن محرز : لم يسمع من علقمة شيئا ، ولكنه رآه
ــــــــــــــــــــــــــــــ

الرواية الثانية : قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ عَمْرٍو، قَالَ: جَلَسَ إِلَى مَرْوَانَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ بِالْمَدِينَةِ، فَسَمِعُوهُ يُحَدِّثُ عَنِ الْآيَاتِ أَنَّ أَوَّلَهَا خُرُوجُ الدَّجَّالِ، فَقَامَ النَّفَرُ مِنْ عِنْدِ مَرْوَانَ، فَجَلَسُوا إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، فَحَدَّثُوهُ بِمَا قَالَ مَرْوَانُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنَّ أَوَّلَ الْآيَاتِ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، أَوِ الدَّابَّةُ، إِحْدَاهُمَا قَرِيبَةٌ عَلَى أَثَرِ الْأُخْرَى "، ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُ قَالَ: " وَذَلِكَ أَنَّ الشَّمْسَ إِذَا غَرَبَتْ أَتَتْ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَسَجَدَتْ فَاسْتَأْذَنَتْ فِي الرُّجُوعِ، فَلَا يُؤْذَنُ لَهَا بِشَيْءٍ ثُمَّ تَعُودُ، وَتَسْتَأْذِنُ فَلَا يُؤْذَنُ لَهَا بِشَيْءٍ، حَتَّى إِذَا عَلِمَتْ أَنَّهُ لَوْ أُذِنَ لَهَا لَمْ تُدْرِكِ الْمَشْرِقَ، قَالَتْ: رَبِّ مَا أَبْعَدَنِي عَنِ النَّاسِ، حَتَّى إِذَا كَانَ اللَّيْلُ كَالطَّوْقِ أَتَتْ فَاسْتَأْذَنَتْ قِيلَ لَهَا: اطْلُعِي مِنْ مَكَانِكِ "، ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ: " يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ " . ( تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين لسمرقندي ) .

علل هذا الإسناد هي : 

1 ـ عمرو بن جرير البجلي  .

آراء العلماء في عمرو بن جرير البجلي:

قال أبو أحمد بن عدي الجرجاني : ( أحاديثه غير محفوظة مناكير في الإسناد والمتن ) .
قال أبو جعفر العقيلي : ( عنده مناكير ) .
قال أبو حاتم الرازي : ( كان يكذب ) .
قال الدارقطني : ( متروك الحديث ) ، ومرة : ( ضعيف ) .
وقد ذكره زكريا بن يحيى الساجي في الضعفاء .

2 ـ إبراهيم بن يوسف .
آراء العلماء في إبراهيم بن يوسف :
قال أحمد بن شعيب النسائي : ( ليس بالقوي ) .
قال ابن حجر في التقريب : ( صدوق فيه لين ) .

3 ـ أبو بكر محمد بن محمد : وقيل عنه كذاب , يخلط ويدلس , خبيث التدليس وكثير التصحيف .

4 ـ محمد بن الفضل وهو مجهول الحال .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الرواية الثالثة : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ الآملي، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ وَاصِلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ صُبْحٍ أَبُو نُعَيْمٍ الْبَلْخِيُّ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ، قَالَ: " كُنْتُ آخُذُ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نَتَمَاشَى جَمِيعًا نَحْوَ الْمَغْرِبِ، وَقَدْ طَفَلَتِ الشَّمْسُ، فَمَا زِلْنَا نَنْظُرُ إِلَيْهَا حَتَّى غَابَتْ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيْنَ تَغْرُبُ؟ قَالَ: تَغْرُبُ فِي السَّمَاءِ، ثُمَّ تُرْفَعُ مِنْ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ، حَتَّى تُرْفَعَ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ الْعُلْيَا، حَتَّى تَكُونَ تَحْتَ الْعَرْشِ فَتَخِرُّ سَاجِدَةً، فَتَسْجُدُ مَعَهَا الْمَلائِكَةُ الْمُوَكَّلُونَ بِهَا، ثُمَّ تَقُولُ: يَا رَبِّ، مِنْ أَيْنَ تَأْمُرُنِي أَنْ أَطْلُعَ؟ أَمِنْ مَغْرِبِي أَمْ مِنْ مَطْلَعِي، قَالَ: فَذَلِكَ قَوْلُهُ عز وجل : " وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا " ، حَيْثُ تُحْبَسُ تَحْتَ الْعَرْشِ " ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ " ، قَالَ يَعْنِي: ذَلِكَ صُنْعُ الرَّبِّ الْعَزِيزِ فِي مُلْكِهِ الْعَلِيمِ بِخَلْقِهِ. قال: فيأتيها جبرائيل، عليه السلام، بحلة ضوء من نور العرش على مقادير ساعات النهار في طوله في الصيف، أو قصره في الشتاء، أو ما بين ذلك في الخريف والربيع، قال: فتلبس تلك الحلة كما يلبس أحدكم ثيابه، ثم ينطلق بها في جو السماء، حتى تطلع من مطلعها، قال النبي، صلى الله عليه وسلم: " فكأنها قد حبست مقدار ثلاث ليال ثم لا تكسى ضوءا وتؤمر أن تطلع من مغربها، فذلك قوله عز وجل : " إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ " ، قال: والقمر كذلك في مطلعه ومجراه في أفق السماء ومغربه، وارتفاعه إلى السماء السابعة العليا، ومحبسه تحت العرش وسجوده واستئذانه، ولكن جبرائيل عليه السلام يأتيه بالحلة من نور الكرسي، قال: فذلك قوله عز وجل : " جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا " قال أبو ذر: ثم عدلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلينا المغرب. فهذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ينبئ أن سبب اختلاف حالة الشمس والقمر إنما هو أن ضوء الشمس من كسوة كسيتها من ضوء العرش، وأن نور القمر من كسوة كسيها من نور الكرسي . (تاريخ الطبري ) .

علل هذا الإسناد :
1 ـ الانقطاع بين مقاتل بن حيان النبطي وعبد الرحمن بن أبزى الخزاعي .
2 ـ عمر بن صبح العدوي وهو متروك الحديث .
3 ـ خلف بن واصل وهو متهم بالوضع .
ــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثالثاُ : علل الإسناد :

علة هذا الأثر أنه من رواية إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي وقيل عنه مرسل وقال عنه ابن حجر مدلس , وسواء كان مرسلاً أو مدلساً أو مرسلاً ومدلساً فلا أقبل منه إلا ما صرح فيه بالسماع , وهو لم يصرح بالسماع من أبيه , بل إن في رواية مسلم ما يدل على أنه لم يسمعه من أبيه حيث قيل : (عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ التَّيْمِيِّ، سَمِعَهُ فِيمَا أَعْلَمُ، عَنْ أَبِيهِ ) .

ولا يتساهل أحد ويقبل رواية المدلس أو المرسل بدعوى قرابة من روى عنه أو معاصرته أو لقائه , فإن المدلس قد يدلس عن أبيه مثل هشام بن عروة .

وتوجد علل أخرى في بعض الروايات مثل عنعنة الأعمش وهو مدلس , وعنعنة سفيان الثوري وهو مدلس .

أما الطرق الأخرى لهذا الأثر فهي باطلة أيضاً كما تقدم , وعللها هي : عنعنة أبي إسحاق السبيعي وهو مدلس وقد اختلط , وعلي بن الحسين القصاع وهو مجهول , وعمرو بن جرير البجلي وقيل عنه كان يكذب , وإبراهيم بن يوسف وهو ضعيف , وأبو بكر محمد بن محمد وقيل عنه كذاب ويخلط ويدلس وخبيث التدليس وكثير التصحيف , ومحمد بن الفضل وهو مجهول الحال , وعمر بن صبح العدوي وهو متروك الحديث ، وخلف بن واصل وهو متهم بالوضع .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رابعاً : علل المتن :

1 ـ الاضطراب :

فمرة ( عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَقَالَ: " يَا أَبَا ذَرٍّ، أَتَدْرِي أَيْنَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: " فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: " وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ " ) .
ومرة (عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: " وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا " ، قَالَ: " مُسْتَقَرُّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ ) .
ومرة (عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: دخلت المسجد وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " جالس، فلما غربت الشمس دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، قَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ هَلْ تَدْرِي أَيْنَ تَذْهَبُ هَذِهِ؟، قَالَ: قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّهَا تَذْهَبُ تَسْتَأْذِنُ فِي السُّجُودِ فَيُؤْذَنُ لَهَا وَكَأَنَّهَا قَدْ قِيلَ لَهَا ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ، فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا، ثُمَّ قَرَأَ: ذَلِكَ مُسْتَقَرٌّ لَهَا فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ ) .
ومرة (عَنْ أَبِي ذَرٍّ، أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمًا: " أَتَدْرُونَ أَيْنَ تَذْهَبُ هَذِهِ الشَّمْسُ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: إِنَّ هَذِهِ تَجْرِي حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى مُسْتَقَرِّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَخِرُّ سَاجِدَةً ) .
ومرة (عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى حِمَارٍ وَعَلَيْهِ بَرْذَعَةٌ أَوْ قَطِيفَةٌ، قَالَ: وَذَلِكَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَقَالَ لِي: " يَا أَبَا ذَرٍّ، هَلْ تَدْرِي أَيْنَ تَغِيبُ هَذِهِ؟ " قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: " فَإِنَّهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَامِيَةٍ ) ومثله (عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: كُنْتُ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى حِمَارٍ وَالشَّمْسُ عِنْدَ غُرُوبِهَا، فَقَالَ: " هَلْ تَدْرِي أَيْنَ تَغْرُبُ هَذِهِ؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَامِيَةٍ ) .

والسؤال : من السائل ومن المسئول ؟ هل أبو ذر رضي الله عنه هو الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم , أم أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي سأله , أم أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل الناس ؟

ما هو المكان ؟ هل هو المسجد أم فوق الحمار ؟

وهل تغرب تحت العرش أم في عين حامئة ؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

2 ـ النكارة :

فهل الشمس تغيب عن الأرض لحظة ؟ 

لا , فهي تغرب عن بلاد وتشرق على أخرى , ولا تنقطع أو تغيب عن الأرض  .

ولو كانت الشمس تذهب بعد غروبها من كل قرية لتسجد تحت العرش لشاهدنا اختفاءها ولتأخر الشروق على القرية المجاورة .

ولو كان المراد غروبها من الأرض كلها وليس غروبها من كل قرية , فإن الشمس لا تغرب عن الأرض , ولا تنقطع عنها ويمكن تصويرها لخظة بلحظة , فإن غابت عن اليابسة فهي فوق المحيط .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

انتهى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق